بحـث
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
مايو 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | ||
6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 |
13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 |
20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 |
27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
الإهانة بقلم الكاتب المغربي عبد الكريم ساورة
صفحة 1 من اصل 1
الإهانة بقلم الكاتب المغربي عبد الكريم ساورة
الإهانة
اعترض طريقي رجل ستيني، وأنا على متن السيارة، أعرفه جيدا، يشتغل حارس للسيارات، رجل لطيف ومهذب، يعيش كبقية الملايين من المغاربة البؤساء على الكفاف والعفاف، فاجأني بالقول وعيناه تدمعان " هل سمعت الخبر؟ وبصراحة كأن زلزالا هزني من الأعماق، أجبته بسرعة: ماذا حدث ؟ هل حقا لا تعلم وأنت من تصلك كل أخبار البلدة، فزادت شكوكي بأن مكروها قد ألم بعائلتي أو عائلة أختي التي تقطن بليبيا خصوصا أنه يعرف زوجها وبينهم قرابة دم خفيفة كما نقول نحن المغاربة.ولما علم أن أعصابي بدأت تتوتر، قال لي وكأنه يريد أن يسقط لقد مات ابني الوحيد، فقلت له لايمكن، فرد بنوع من الحرقة: لقد انتحر.
بقيت جامدا، كمن أصيب بجلطة دماغية، لم أصدق الخبر، ولا أريد تصديقه، هل يعقل هذا ياربي، شاب في 25 من عمره، لطيف ووسيم لا يتحدث كثيرا، " مرضي والديه " يشتغل كهربائي، بليته الوحيدة أنه كان يدخن وبشكل خفيف، يقبل على الانتحار بهذه الطريقة " يصلي صلاة العصر" ويتناول سم الفئران ويضع حدا لحياته في رمشة عين، والأدهى من ذلك لم يترك ولو إشارة واحدة تفيد إقباله على الانتحار" صدمت والله صدمت عند سماعي قصة والده المسكين.
هل لازال للحكاية من بقية ؟ نعم ولكن خارجة مؤسسة الانتحار. والسؤال لماذا يقبل شاب في عز الزهور على الانتحار بهذه الطريقة الدرامية ؟
لاأريد أن أتحدث عن الجانب النفسي والمادي والروحي لفعل الانتحار فقد سبقني وتكلم فيه العديد من الباحثين ، وقد أفرد له إميل دوركايم دراسة خاصة في كتابه المشهور" الانتحار" ، ولكن فقط أريد أن الفت انتباه القراء والمهتمين، إلى استفحال ظاهرة الانتحار مؤخرا بشكل كبير بين الشباب ، وهذا مؤشر أن هناك شيئا غير عادي يحدث بيننا دون أن نستشعر ذلك، إن المجتمع أصبح يتحرك بوثيرة خطيرة وبمعدل جد مرتفع في عملية الاستهلاك دون الالتفات إلى بعض الفئات الهشة في المجتمع والتي تشكل الأغلبية الساحقة، باختصار شديد إن المجتمع القوي يأكل المجتمع الضعيف وكل ذلك يحدث في صمت وتواطؤ رهيب.
داخل هذه اللعبة المصطنعة، والمثيرة، لا يجد هذا الشاب وغيره أي قدم للمشي مع هؤلاء، إنه يشعر بفقدان المناعة وأن صلاحيته قد انتهت.فيبقى الحل الوحيد لديه هو ركعتين لله والمغادرة في صمت.
لم يترك هذا الشاب الوسيم أية رسالة، ولم يطلب أية ترقية تخرجه من عتبة الفقر إلى الحياة ولكن ترك جرحا عميقا يظل موشوما في ذاكرة البلد، وستظل الإهانة عالقة على جبين الدولة والمجتمع مدى الحياة.
اعترض طريقي رجل ستيني، وأنا على متن السيارة، أعرفه جيدا، يشتغل حارس للسيارات، رجل لطيف ومهذب، يعيش كبقية الملايين من المغاربة البؤساء على الكفاف والعفاف، فاجأني بالقول وعيناه تدمعان " هل سمعت الخبر؟ وبصراحة كأن زلزالا هزني من الأعماق، أجبته بسرعة: ماذا حدث ؟ هل حقا لا تعلم وأنت من تصلك كل أخبار البلدة، فزادت شكوكي بأن مكروها قد ألم بعائلتي أو عائلة أختي التي تقطن بليبيا خصوصا أنه يعرف زوجها وبينهم قرابة دم خفيفة كما نقول نحن المغاربة.ولما علم أن أعصابي بدأت تتوتر، قال لي وكأنه يريد أن يسقط لقد مات ابني الوحيد، فقلت له لايمكن، فرد بنوع من الحرقة: لقد انتحر.
بقيت جامدا، كمن أصيب بجلطة دماغية، لم أصدق الخبر، ولا أريد تصديقه، هل يعقل هذا ياربي، شاب في 25 من عمره، لطيف ووسيم لا يتحدث كثيرا، " مرضي والديه " يشتغل كهربائي، بليته الوحيدة أنه كان يدخن وبشكل خفيف، يقبل على الانتحار بهذه الطريقة " يصلي صلاة العصر" ويتناول سم الفئران ويضع حدا لحياته في رمشة عين، والأدهى من ذلك لم يترك ولو إشارة واحدة تفيد إقباله على الانتحار" صدمت والله صدمت عند سماعي قصة والده المسكين.
هل لازال للحكاية من بقية ؟ نعم ولكن خارجة مؤسسة الانتحار. والسؤال لماذا يقبل شاب في عز الزهور على الانتحار بهذه الطريقة الدرامية ؟
لاأريد أن أتحدث عن الجانب النفسي والمادي والروحي لفعل الانتحار فقد سبقني وتكلم فيه العديد من الباحثين ، وقد أفرد له إميل دوركايم دراسة خاصة في كتابه المشهور" الانتحار" ، ولكن فقط أريد أن الفت انتباه القراء والمهتمين، إلى استفحال ظاهرة الانتحار مؤخرا بشكل كبير بين الشباب ، وهذا مؤشر أن هناك شيئا غير عادي يحدث بيننا دون أن نستشعر ذلك، إن المجتمع أصبح يتحرك بوثيرة خطيرة وبمعدل جد مرتفع في عملية الاستهلاك دون الالتفات إلى بعض الفئات الهشة في المجتمع والتي تشكل الأغلبية الساحقة، باختصار شديد إن المجتمع القوي يأكل المجتمع الضعيف وكل ذلك يحدث في صمت وتواطؤ رهيب.
داخل هذه اللعبة المصطنعة، والمثيرة، لا يجد هذا الشاب وغيره أي قدم للمشي مع هؤلاء، إنه يشعر بفقدان المناعة وأن صلاحيته قد انتهت.فيبقى الحل الوحيد لديه هو ركعتين لله والمغادرة في صمت.
لم يترك هذا الشاب الوسيم أية رسالة، ولم يطلب أية ترقية تخرجه من عتبة الفقر إلى الحياة ولكن ترك جرحا عميقا يظل موشوما في ذاكرة البلد، وستظل الإهانة عالقة على جبين الدولة والمجتمع مدى الحياة.
مواضيع مماثلة
» مجلة الابداع العربي .قصيدة : اسمي اليمن بقلم الشاعر الكاتب المغربي عبد الكريم ساورة
» بقلم الكاتب المصري الكبير سيد غيث
» بقلم الكاتب ضرغام صدام من الجماهيرية الليبية
» بقلم الكاتب رشيد طوينة الجزائر
» قصيدة انت الملكة بقلم الكاتب المصري مجدى النويهى
» بقلم الكاتب المصري الكبير سيد غيث
» بقلم الكاتب ضرغام صدام من الجماهيرية الليبية
» بقلم الكاتب رشيد طوينة الجزائر
» قصيدة انت الملكة بقلم الكاتب المصري مجدى النويهى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس أغسطس 06, 2015 3:27 pm من طرف إحسان مغزاوي
» دراسات نقدية لمجلة الابداع العربي من اعداد لجنة النقد ليوم الخميس 23.7.2015
الخميس يوليو 23, 2015 9:17 pm من طرف صالح كحول
» دراسات نقدية لمجلة الابداع العربي
الخميس يوليو 23, 2015 8:55 pm من طرف صالح كحول
» عيدي ليس ككل عيد بقلم الكاتب ابو رؤى قاسم الدوسري
الأحد يوليو 19, 2015 10:25 pm من طرف صالح كحول
» هامة الشرف بقلم شاعر العودة : جميل أبوداود
الأحد يوليو 19, 2015 10:22 pm من طرف صالح كحول
» رحلة الشهداء بقلم الشاعر الجزائري سليم دراجي
الأحد يوليو 19, 2015 10:20 pm من طرف صالح كحول
» حديثُ العيد .. بقلم ابو عمر
الأحد يوليو 19, 2015 10:18 pm من طرف صالح كحول
» حوار الاسئلة بقلم امين جياد الخزرجي \العراق
الأحد يوليو 19, 2015 10:17 pm من طرف صالح كحول
» لماذا بقلم الشاعر \ وائل العجوانى
الأحد يوليو 19, 2015 10:13 pm من طرف صالح كحول